قرر أن يذهب هذه الأمسية إلى محاضرة دينية ...
قال في نفسه :
- إن في القلب قسوة لا بد من إذابتها ، وأن خيرمن يعين على ذلك مجالس العلم، حيث يكثر فيها ذكر الله، ويقل ذكر الدنيا...
إن قلبي قد تاه في أودية الدنيا وشعابها المتعرجة....
أريد أن أطلبه....
أريد أن أبحث عنه...
ثم أردف :
- ينبغي ألا نستسلم للشيطان ’ من ذا الذي يعطي بيده لعدوه الحاقد، وهو يقدر على دفعه، إلا أن يكون مجنونا...
ركب سيارته وقال :
سبحان الذي سخر لنا هذه وماكنا له مقرنين ..
أخذت السيارة تنهب شوارع المدينة نهبا ...
تذكر قول الرسول عليه السلام " من سلك طريقا، يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ...
أحس بسعادة تغمر قلبه، وراحة تملاء نفسه سكينة...
قال في نفسة لو كانت هذه اللحظات السعيدة تدوم؛ لكانت الدنيا جنة من الجنان!!
استمر في طريقة وهو يعشم نفسه بلحظات أنس وراحة في حضرة ذلك الشيخ المشهود له بالتقوى والورع ...
فجأة قفز المشهد إلى ذهنه...
شيخ وقور يجلس على كرسي متواضع , يذكر الناس ويعظهم وأمامه مجموعة من طلاب العلم يستمعون وينصتون لما يقول، كأن على رؤسهم الطير ....
حقا إنه لمنظر مهيب ...
ولم يقطع عليه حبل أفكاره إلا عمارة عرضت له على جانب ذلك الشارع الكبير ثم انتقل الذهن إلى العمارة ...
فيها عشر محلات ... كل محل يبلغ إيجارة 30 ألف على الأقل! 30 × 10 = 300000ريال...
وفيها أكثر من عشر شقق، يبلغ إيجار كل شقة 20 ألف على الأقل!
20 × 10=200000ريال...
إذن دخل العمارة 5000 ريال سنويا...
ثم أحس بالكآبة تغمر نفسه...
وفجأة انتبه، وقال في نفسه :
أنا لم أخرج من بيتي إلا لأطرد عن نفسي هذه الأفكار التي تقسي قلبي، وتجلب الكآبة...
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
إنه عدو للمؤمنين قال تعالى:
" فلا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "
إنه يحسدني على صفاء لحظة واحدة .. قاتله الله
لكنني سأحاربه , ولن أتبع خطواته , هذه الخطوة له , ولن يظفر مني بغيرها بأذن الله
سأحاربه بكل سلاح ...
بالقران , بالذكر , بحضور مجالس العلم بالتأمل في هذه الدنيا التافه ...
هب أن هذه العمارة لي ...
ماذا سيصير؟ أتراني أقنع بها أم أتطلع إلى غيرها...
أليس يكفي الأنسان في الحياة لقمة من عيش وقطعة من لباس ومسكن يأوي إليه , ثم يرحل بعد ذلك عن هذه الدنيا كلها شاء ذلك أم أبى...
أليس كثرة الأموال والعقارات تلهي عن ذكر الله
اليست قلوبنا مشغولة الأن بما لدينا من مال قليل , فكيف لو كنا نملك مثل هذه العمارات ...
موضوع: هيا نؤمن ساعة 
