منتديات الجزائر العربية
السلام و عليكم
يشرفنا ان تقوم باتسجيل معنا عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
مدير المنتدى

منتديات الجزائر العربية
السلام و عليكم
يشرفنا ان تقوم باتسجيل معنا عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
مدير المنتدى

منتديات الجزائر العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الجزائر العربية


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ 41120910
المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ Support

 

 المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
JokER-Dz
المشرفين
المشرفين
JokER-Dz


العقرب
الخنزير
المشاركات : 1019
التميز : 2275
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
العمر : 28
الموقع : https://arbalg.yoo7.com

المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ Empty
مُساهمةموضوع: المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟   المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ Emptyالجمعة مايو 21, 2010 12:28 pm

قبل أن أدخل صلب الموضوع أروي الحكاية التالية: في أحد الأيام حصل نقاش بيني وبين أحد الأصدقاء الذين أعزّهم في أحد مقاهي بورت دورليان بالقرب من المدينة الجامعية بباريس. ولا أعرف كيف احتد النقاش وانفعل صاحبي في إحدى اللحظات إلى درجة أنّه وجه لي الكلام محتدّا قائلا: يا أخي اعرف مع مين عم تحكي! نحن من آل البيت ونسبنا يصل إلى النبيّ والإمام علي بن أبي طالب شخصيا. فما كان مني إلا أن أردّ على هذا الاستفزاز الذي فاجأني من شخص تقدّمي باستفزاز آخر أشدّ تطرفا: وأنت اعرف مع من تحكي. أنا جدي الأعلى هو القرد وإني لفخور به! وعلى أي حال فإنّي متأكّد من نسبي أكثر مما أنت متأكد من نسبك إذا صحّت نظرية داروين. وهي أقرب إلى الصحة. وان كان العلماء يقولون الآن بأنّ صلة القرابة بعيدة بيننا وبين القرد أبعد ممّا كان يظنّ سابقا. فنحن لسنا نازلين من القرد مباشرة كما كانوا يعتقدون أيام داروين، وإنّما لنا جدّ مشترك بعيد نسبيا. وقد افترقنا عن بعضنا البعض قبل ستّة أو سبعة مليون سنة في مكان ما من إفريقيا. وحتما فإن جدنا المشترك الأعظم يشبه القرد أكثر مما يشبه الإنسان الحالي. على أي حال فان القرود بقيت قرودا لسوء حظها. أما نحن فقد حققنا طفرة نوعية هائلة استثنائية أدت إلى تعقد دماغنا وتطوره فأصبحنا بشرا ننطق ونفكر ونجترح المعجزات ونصنع الحضارات ونحلق في أعلى السماوات كالشياطين.. وبالتالي فظهور الإنسان حدث فريد من نوعه في تاريخ الخلق والكون. اطمئنوا إذن أيها الناس! نحن ننتمي إلى مملكة الحيوان ونتعالى عليها في ذات الوقت. نحن لسنا فقط حيوانات! نحن أعظم المخلوقات على وجه الأرض وأحيانا.. أحقر المخلوقات..

فيما وراء جانب المزحة أو الفكاهة الاستفزازية في هذه النكتة السمجة أو البائخة كما يقول السوريون والعرب عموما هناك سؤال يطرح نفسه بكل مشروعية: ألا يصعب علينا، نحن معشر البشر، بأن نعترف بأي صلة قرابة بيننا وبين الحيوان؟ أليس مهينا لنا أن ننزل إلى هذا المستوى، مستوى القرد؟ وحتى لو كان القرد في عين أمه غزال كما يقول المثل الشعبي أليس مجحفا بحقنا أن نعترف بوجود أي صلة قرابة معه؟ وبالتالي فاني أفهم استياء المتدينين وحتى غير المتدينين من داروين ونظريته. وليس هدفي الاستخفاف بمشاعر الناس أو صدمهم بشكل مجاني وجرح مشاعرهم وعقائدهم وإيمانهم. فليس كل الناس فلاسفة عميقين مثل نيتشه لكي يقبلوا بالحقيقة المرة: وهي أننا جزء من الطبيعة لا فوقها. يقول نابغة فلاسفة الألمان بما معناه وذلك في نفس اللحظة التي ظهر فيها كتاب داروين أصل الأنواع أو بعدها بقليل: ينبغي أن ننزل الإنسان من عليائه لكي ندمجه في الطبيعة. فهو جزء منها وليس فوقها على عكس ما يتوهم أو ما تقول له الأوهام الميتافيزيقية..(فيما وراء الخير والشر.فقرة:230). ويقول داروين: الإنسان يحمل في تكوينه الجسدي العلامة التي لا تخطيء على أصله المتواضع. فقليلا من التواضع إذن يا بني آدم!

وعلى أي حال فان العلماء مجمعون الآن على أن فئة القرود الكبرى أي الشمبانزي تشاطرنا الكثير من مقدراتنا المعرفية وان بدرجات متفاوتة. وبالتالي فلا أعرف لماذا يزعجنا أو يأخذ على خاطرنا أن يكون القرد من عشيرتنا الأباعد. أقصد القرد المتطور الذكي لا القرد البدائي لأنّ هناك عشرات الفصائل المختلفة من القرود مثل بني يعرب! لا يوجد قرد واحد على عكس ما نتوهم. وعلى أي حال فان الأصوليين البروتستانتيين في أميركا ليسوا مخطئين إذ يصورون داروين بشكل كاريكاتوري عندما يضعون وجهه على جسد قرد من فصيلة الشمبانزي. وهو أرقى أنواع القرود. بالطبع فهم يعتقدون أنهم قضوا عليه احتقارا وازدراء ولكنهم يجهلون نظرية التطور ويأخذون كلام سفر التكوين على حرفيته. والواقع أن كل التراث الديني والفلسفي الغربي والمتوسطي منذ ثلاثة آلاف سنة وهو مهووس بقصة التفريق بين الإنسان والحيوان وفصل بني آدم عن مملكة الحيوان بأي شكل بحجة أن الإنسان فيه روح وعقل وذكاء وانه مخلوق على صورة الله وان الحيوان محروم من ذلك تماما. ولكن يبقى السؤال مطروحا: هل التركيز على حيوانية الإنسان ينبغي أن تمنعنا من القول بوجود فرق أساسيّ بينه وبين الحيوان؟ بمعنى آخر: أليس المتدينون على حق إذ يقولون بان الفهم المادي الإلحادي المحض لنظرية التطور يشكل اختزالا للإنسان وبترا لبعده الروحاني المتعالي؟ بمعنى آخر أيضا ولنقلها بالعربي الفصيح: هل أصبح الإيمان بالله ممنوعا بعد داروين؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نتوقف عند نقطة أساسيّة: وهي أن معظم الفلاسفة واللاهوتيين الكبار أصبحوا مقتنعين الآن بنظرية النشوء والارتقاء لداروين. ولم تعد تزعجهم على الإطلاق. ومعظم المؤمنين الليبراليين المستنيرين في الديمقراطيات الغربية المتقدمة يعتنقونها دون أن يؤثر ذلك على إيمانهم الديني أو يخلخله. الشيء الوحيد الذي يزعجهم فيها هو القول بان التطور أو الاصطفاء الطبيعي يحصل عن طريق الصدفة المحضة وانه لا يوجد أي مخطط في الكون ولا أي هدف أو غاية. هذا الشيء لا يزعج فقط المتدينين المؤمنين بوجود الله وخلود الروح واليوم الآخر. وإنّما يزعج أيضا الفلاسفة الإنسانيين الذين كانوا يتمنون لو أن السيد داروين قد اعترف بأن هناك تقدما في سلم الطبيعة وان الأمور تمشي من الأسوأ إلى الأحسن، من الناقص إلى الأكمل، وان الإنسان هو قمة المخلوقات وذروة الموجودات. فما الذي يضيره في أن يعترف بذلك؟ ولكنه بدلا من هذا راح يقول لنا بان الإنسان وجد عن طريق الخطأ أو بالصدفة المحضة وانه لا توجد أي غائية في الكون وإنّما نحن ضائعون في عبثية كاملة. وهذا المنظور المرعب يجنن الناس فعلا ويبدو لا إنسانيا بالمرة. وبالتالي فإذا كان داروين عالما كبيرا فانه ليس بالضرورة فيلسوفا كبيرا. ينبغي العلم بان هناك فرقا بين العالم والفيلسوف. وعموما فان العالم المختبري لا يعرف كيف يستخلص كل النتائج والعبر من اكتشافه. غاليليو كان عالما كبيرا ولكن الفيلسوف الكبير في عصره لم يكن هو وإنّما ديكارت. ونيوتن ربما كان اكبر عالم في التاريخ ولكنه على المستوى الفكري كان لاهوتيا مغرقا في التعلق بالكتاب المقدس دون أن يعني ذلك عدم استنارته بالطبع. يبقى مع ذلك صحيحا القول بان الفيلسوف الحقيقي الذي عرف كيف يستخلص النتائج الكبرى من اكتشافاته الفيزيائية والفلكية هو عمانويل كانط. ولذلك قالوا: لولا نيوتن لما كان كانط. وقس على ذلك.. وبالتالي فلا ينبغي أن نعتقد أن كل ما قاله داروين هو كلام منزل أو معصوم. فأحيانا تبدو لنا آراؤه الفكرية أو الفلسفية عادية جدا بل وحتى سطحية. ولكنه عملاق كعالم تجريبي يراقب ويصنف ويشرّح. يضاف إلى ذلك انه خاضع لتصورات الفلسفة الوضعية التي هيمنت على عصره وأوهمت الناس أن العلم سيحل كل المشاكل ويجيب على كل الأسئلة. لا ريب في انه حل معظم المشاكل وأدى إلى حصول تقدم هائل في شتى مجالات الحياة كما وأدى إلى تفوق أوروبا على جميع مناطق العالم دون استثناء. ولكن حيث تتوقف حدود العلم تبتدئ حدود الإيمان والميتافيزيقا كما يقول كانط. ومن اللافت للانتباه بهذا الصدد هو أن داروين كان من أنصار اللاهوت العقلاني أو الطبيعي على طريقة الفيلسوف واللاهوتي الانكليزي ويليام بالي(1743-1805) الذي كان يقول بان دراسة كل مظاهر الطبيعة وقوانينها تدلنا على وجود خالق لهذا الكون. ويعترف داروين شخصيا بأنّه كان من أتباعه المخلصين بل ويحفظ كتابه الأساسيّ عن ظهر قلب. ومعلوم ان داروين درس اللاهوت في البداية لكي يصبح قسيسا أو مرشدا دينيا قبل ان يكتشف مواهبه الكبرى كعالم طبيعي أو بيولوجي وينصرف عن الدخول في سلك الكهنوت. وبالتالي فهو شخص مؤمن ولكنه فقد إيمانه بعد اكتشافه لقانون الاصطفاء الطبيعي الشهير وأصل الأنواع ونظرية التطور أو التحول أو النشوء والارتقاء في سلم الطبيعة والموجودات. وقد حزن أشد الحزن لذلك وشعر وكأنه ارتكب جريمة قتل لأنه قضى غصبا عنه على الإيمان المسيحي الذي كان غاليا جدا عليه. ولم يكن سعيدا عندما اكتشف أن ما يقوله سفر التكوين عن خلق العالم والإنسان هو عبارة عن أساطير جميلة ليس إلا وانه يتناقض كليا مع مكتشفات العلم التجريبي المحض. ولكنه ما كان يستطيع أن يقول ذلك ويصدم الناس في اعتقادهم الراسخ خوفا من ان يتهم بالهرطقة. ولهذا السبب حبس اكتشافه لفترة طويلة من الزمن في مخطوطته السرية التي تبلغ مائتي صفحة وقال لزوجته: إذا أصابني مكروه لا سمح الله ومت قبل الأوان بشكل مفاجئ فانشري هذا الكتاب لأنّه إذا كان صحيحا قد يحتوي على كشف هائل في مجال العلوم. وأشد ما أحزنه هو انه لم يعد قادرا على الإيمان بوجود حياة أخرى غير هذه الحياة. وقد كان يمنّي النفس بذلك لكي يلتقي بزوجته ايمّا داروين فيما وراء هذا العالم. وكانا قد اتفقا على هذه النقطة ومن شدة حبهما لبعضهما البعض ما كانا يتصوران أنهما سيفترقان عن بعضهما حتى بعد الموت. وإنّما كانا يعتقدان أنهما سيلتقيان هناك في حياة الأبدية والخلود حيث لا عذاب ولا ملاحقات أخطبوطية ولا حروب أهلية.. وقد كتبت له زوجته رسالة مؤثرة جدا تقول فيها ما معناه:

انك محق إذ تعمل جاهدا لاكتشاف الحقيقة في مجال العلوم الطبيعية. وأنا معك في ذلك. ولكن هناك خطر في أن تؤثر عليك المنهجية العلمية إلى حد انك لن تستطيع بعدها أن تعتقد بصحة أي شيء إن لم تتم البرهنة عليه تجريبيا. وعندئذ قد تبتعد يا عزيزي تشارلي عن الوحي والإيمان كليا. إن كل ما يقلقك يقلقني. وسوف أكون تعيسة إلى أقصى الحدود إذا ما عرفت أننا لن نلتقي في العالم الآخر مرة أخرى والى الأبد. أنت لي وأنا لك قبل الموت وبعده..

هذه الرسالة التي كتبتها له ايمّا في بداية حياتهما الزوجية كانت أغلى عليه من روحه. وقد ظل محتفظا به طيلة حياته كلها أي أكثر من أربعين سنة متواصلة. وعندما مات اكتشفوها في أوراقه الخاصة وقد كتب عليها معلقا بخط يده الكلمات التالية: عندما أموت اعرفي يا ايمّا أني طالما قرأت هذه الرسالة وبكيت حتى شبعت مرات ومرات! ومعلوم انه في لحظة الوداع والعائلة كلها قد تحلقت حوله كانت آخر عبارة نطق بها موجهة لها: تذكري كم كنت زوجة رائعة! ثم لفظ أنفاسه الأخيرة. لنحاول تلخيص الإشكالية إذن هنا لان هناك إشكالية تخصنا نحن أيضا وليس فقط داروين وزوجته: إنها قضية العلاقة بين العلم والإيمان، بين الواقع الظاهري وما وراء الواقع، بين الموت وما بعد الموت. إنها إشكالية تخص المعنى النهائي للوجود وغائيته إذا كان له معنى وغائية بطبيعة الحال.

أولا: لا ينبغي أن نتوهم أن داروين فرح كثيرا عندما حقق احد اكبر الاكتشافات في تاريخ العلم. لا ريب في انه شعر بالفخر والاعتزاز لأنّه اكتشف إحدى اكبر واخطر الحقائق في التاريخ. لا ريب في انه أحس بمدى قدراته العلمية وعبقريته الذاتية على التحليل والاستنباط وسبر المجاهيل. لا ريب في انه رأى ما لا يرى. وككل العظماء عرف تجربة الكشف الأعظم أو الوحي: أي انبثاق النور الساطع من رحم الظلمات الحالكات. كل هذا صحيح. ولكنه في ذات الوقت راح يعيش دراما شخصية حقيقية. راح يشعر بتأنيب الضمير وكأنه ارتكب جريمة قتل إذ اكتشف ما اكتشفه. ذلك أن تدمير الحقيقة الإلهية المطلقة لسفر التكوين والكتاب المقدس الذي يؤمن به ملايين المسيحيين في عصره كان يعتبر بمثابة عملية اغتيال، وأي اغتيال! وأنت لا يحق لك أن تدمر عقائد الناس التي يعيشون عليها ويستعصمون بها بمثل هذه الخفة أو السهولة. وهي نفس المشكلة التي تواجهنا الآن، نحن التنويريين العرب، عندما نتصدى لنقد العقل الإسلامي وكل التصورات الموروثة عن الماضي واليقينيات القطعية التي لا تقبل حتى مجرد النقاش.

عندما عرف داروين أن الأنواع الحية الموجودة على سطح الأرض من إنسان وحيوان ونبات ليست ثابتة على عكس ما نتوهم وما توحي به المظاهر وإنّما هي متحولة ومتغيرة ومتطورة عن بعضها البعض أو عن بنية أولية جزيئية جن جنونه! هو نفسه خاف من اكتشافه. راح يفقد الإيمان غصبا عنه وضد رغبته الدفينة والعميقة. ذلك أن داروين لم يصبح ملحدا في أي يوم من الأيام على عكس فرويد مثلا أو ماركس أو نيتشه أو فويرباخ أو ربما حتى هيغل. ولكنه أصبح لا أدريا: أي لا يحسم في مسألة وجود الله أو عدم وجوده وإنّما يترك المسألة معلقة. انه لا يريد أن يخون ايمّا، لا يريد أن ينفصل عنها إلى الأبد. ونياط قلبه تتقطع بمجرد أن يفكر بهذه الاحتمالية مجرد تفكير. ولكنه في ذات الوقت راح يشعر بوجود تناقض بين العقائد اللاهوتية المسيحية وحقائق العلم بل وحتى الحس الصائب والسليم. يقول في مذكراته التي كتبها في أواخر حياته: نصوص المسيحية تقول بان الناس الذين لا يؤمنون بالعقائد الدينية ولا يمارسون الشعائر والطقوس (وهذا يشمل أبي وأخي وتقريبا كل أصدقائي الجيدين) سوف يكون مصيرهم النار والعذاب الأبدي في الحياة الآخرة. فهل هذا معقول؟ هل يمكن ان أصدق ذلك؟ هذه عقيدة مدانة ولا يمكن ان أقبل بها على الإطلاق. لذلك فانه كان في معظم الأحيان يترك زوجته وأطفاله يذهبون إلى الكنيسة يوم الأحد لحضور القداس وهو يذهب لكي يتمشى في أحضان الطبيعة أو في شوارع القرية المجاورة للكنيسة حتى يكون قد انتهى القداس ومواعظ الخوري أو بالأحرى القسيس الانجليكاني. ومعلوم انه كان يعيش في أعماق الريف الانكليزي الجميل وليس في لندن.

لاحظ كيف يطرح المشكلة: انه يعترض على مسألة الفرقة الناجية في نهاية المطاف. ففي رأيه انه حتى غير المؤمن أو الملحد لا يمكن أن يدخل النار إذا كان شخصا طيبا مستقيما ذا نزعة إنسانية حقيقية ومحبا لخدمة المجتمع والآخرين. وهذه هي حالة والده الذي كان طبيبا مشهورا ويداوي الفقراء بالمجان. فهل يمكن أن يكون هذا الشخص كافرا؟ هل يمكن أن يكون مصيره جهنم، ويدخل الجنة واحد تافه غشاش لمجرد انه يذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد ويعتقد بكل ما يقوله الكهنة والخوارنة من معجزات وأساطير؟ مستحيل. هذا لا يركب في عقل داروين ومعه الحق. ولكن ينبغي أن نلاحظ انه كتب هذا الكلام في أواخر القرن التاسع عشر عندما كانت العقائد اللاهوتية التقليدية لا تزال سائدة ولم تفكك جذريا بعد. أما الآن فلم يعد هذا التناقض واردا لأنّ الفهم الليبرالي المستنير للمسيحية أصبح يتموضع خارج نطاق الفرقة الناجية والمنظور التكفيري القديم. أصبح الإيمان حرا بعد ان كان إكراهيا ومقيدا. الفاتيكان الثاني اعترف حتى بإيمان المسلمين، العدو التاريخي، وأثنى عليه، بل واعترف بإيمان البوذيين والهندوس الذين لا يؤمنون بفكرة الإله الواحد من أساسها ولا يعرفونها. بل وفتح مكتبا لغير المؤمنين بالله إطلاقا من اجل التحاور معهم. وبالتالي فعصرنا غير عصر داروين وقد حقق تقدما وثورة لاهوتية بالقياس إليه. يضاف إلى ذلك أن التناقض بين سفر التكوين ونظرية داروين ومجمل العلم الحديث لم يعد يزعج إلا الأصوليين المتزمتين بعد انتصار التأويل الرمزي المجازي في عصر الإيمان الحداثي الراقي. وحدهم الأصوليون البروتستانتيون في أميركا لا يزالون متشبثين بالتأويل الحرفي للكتاب المقدس ويسببون لنا كل هذه الفرقعات والمشاكل. ثم انضاف إليهم مؤخرا جماعتنا في الجهة الإسلامية وشكلوا تحالفا موضوعيا ضد نظرية التطور والعلم الحديث. انظر هذا "العبقري" التركي هارون يحي الذي توقفت عنده مطولا في مقال سابق.

لكن ينبغي تعميق الإشكالية أكثر من ذلك: أقصد إشكالية العلاقة بين العلم والإيمان. ينبغي أن نطرح السؤال مجددا: هل إن انتصار نظرية داروين ستقودنا بالضرورة إلى القضاء على الدين وفكرة الله كليا أم لا؟ أنا شخصيا لا أعتقد ذلك. فالإيمان بالله أو بالتعالي الرباني أو بالعناية الإلهية أو بوجود مخطط أعلى للكون وغاية نهائية وأخيرة ممكن حتى بعد داروين. بالطبع ممكن أيضا عدم الإيمان: المسألة تظل مفتوحة ولن تغلق عما قريب. ولكنه ليس إيمان الأصوليين بالطبع ولا التكفيريين المنغلقين داخل يقينياتهم القطعية الراسخة التي لا تقبل النقاش. هذا الإيمان الذي لا يزال العالم الإسلامي غاطسا فيه حتى الآن تجاوزه الزمن ولم يعد مسيطرا في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة.

وفيما يخص هذه النقطة أجدني أقرب إلى موقف إسحاق نيوتن مني إلى موقف داروين. يقول نيوتن: إن قانون الجاذبية يفسر لنا حركة الكواكب ولكنه لا يفسر لنا من الذي أعطى النقرة الأولى أو نقطة الانطلاق الأولى لتحريك الكواكب. ثم يضيف قائلا: هذا النظام الرائع للشمس والكواكب والنجوم ما كان يمكن أن يوجد لولا إرادة كائن أعلى يمثل قمة الذكاء والعقل. وهذا الكائن الأعلى هو الذي يتحكم بكل شيء ليس كروح منبثة في العالم وإنّما كسيد للعالم يقف فوقه أو خارجه لكي يحركه ويتحكم به. انه الإله الأعلى ، الكائن الأعظم، الخالد، اللانهائي، الكامل في كل شيء. هذا هو تصور نيوتن الذي أخذه عنه فولتير وكل المؤمنين العقلانيين. وهو يتماشى مع الاعتقاد الإسلامي الأساسيّ. ولا أعرف لماذا لا نتبناه؟ لا أعرف لماذا ينبغي ان نصبح ملاحدة لكي نصبح علميين أو تقدميين! بعد أن فقد داروين طفلته "آني" التي كان يعبدها وهي في التاسعة جن جنونه وفقد إيمانه بإله شفوق طيب أو بعناية إلهية تهتم بالبشر.. إذ كيف يمكن لله أن يتفرج على موت طفلة؟ ماذا يفعل هذا الله القاعد في السماء؟ لماذا لا يتدخل بسرعة ويمنع موت الأطفال أو حصول الكوارث الطبيعية؟

ونحن إذا كنا متفهمين لألمه وصرخته الخارجة من أعماق أعماقه إلا أننا لسنا مضطرين لموافقته على هذا الموقف. يمكننا أن نتخذ موقفا معاكسا ونرضى بقضاء الله وقدره. يمكننا أن نقول إن هناك حكمة عليا فوقية تتجاوز أفهامنا. وعلى أي حال فإننا نقف هنا أمام معضلة محيرة. لكن الخطأ الذي وقع فيه داروين بالفعل هو اعتقاده بان الطفرة النوعية الهائلة التي أدت إلى ظهور الإنسان كمخلوق فريد من نوعه في الطبيعة والناتج عن قانون الاصطفاء الطبيعي، أقول اعتقاده بان هذه الطفرة هي وليدة لصدفة عمياء محضة ولا تعبر عن أي مخطط واع أو هدف أعلى أو غاية محددة في الكون. كلام داروين هنا يزعج كما قلت سابقا ليس فقط المتدينين المؤمنين بوجود الله والذين يعتقدون بان يد الله هي خلف كل ذلك. وإنّما يزعج أيضا الفلاسفة العلمانيين الإنسانيين الذين يعتقدون بان هناك تقدما في الطبيعة والتاريخ والكون وان ظهور الإنسان هو تتويج لهذا التقدم والعقلانية الكونية بدءا من أبسط المخلوقات وحتى أعلاها. الشيء المخيف في نظرية داروين هو اعتقاده بالعبثية المجانية أو الصدفة الاعتباطية لقانون الاصطفاء الطبيعي الذي أدى إلى ظهور الإنسان بدون أي هدف أو غاية. لماذا يا سيدي داروين كل هذا الإيمان بالصدفة؟ خذ وأعط يا أخي. لماذا لا تكون هناك غائية نهائية في الكون تشعرنا بعقلانية قوانينه وتدخل الطمأنينة إلى قلوبنا؟ هل نحن يا ترى ورقة في مهب الرياح أو قارب تتقاذفه الأمواج العاتية بدون أي وجهة محددة غير الغرق في نهاية المطاف؟ كلام داروين يشبه كلام كلود ليفي ستروس الذي يقول: العالم ابتدأ بدون الإنسان وسوف ينتهي حتما بدونه..

ينبغي العلم بان البشرية عاشت طيلة ثمانية عشر قرنا على فكرة أن الإنسان مخلوق على صورة الله وان له بالتالي مكانة متميزة في الكون. بل ويمكن القول إن الملاحدة في القرون السابقة كانوا يعتمدون على هذه الفكرة حتى ولو كان من اجل نقضها. متى سقطت هذه الفكرة لأول مرة؟ في القرن التاسع عشر. ومن المسؤول عن هذه الجريمة، أي الانقلاب على الله؟ أربعة مفكرين أو خمسة هم: فويرباخ، ماركس، داروين، نيتشه، فرويد. هؤلاء قالوا لأول مرة بان الله من صنع الإنسان وليس الإنسان من صنع الله! وأضاف فرويد قائلا بان الله هو عبارة عن تركيبة ذهنية يصنعها الإنسان لكي يسقط عليها صورة الأب. ومعلوم أن الله في المسيحية يدعى الأب أيضا. بل وحتى في الإسلام الربّ هو ربّ العائلة وربّ السماء. ثم زادها صاحبنا نيتشه أكثر من اللزوم عندما كتب أجمل وأعمق نص في كل اللغات الأوروبية عن موت الله. انظر الفقرة 125 بعنوان "المجنون" من كتابه: العلم المرح أو المعرفة المبتهجة إذا شئتم. وهو نص لا يمكن أن تقرأه دون أن ترتجف أو ترتعش. وجن جنون الكنيسة المسيحية عندئذ وهاجت هوائجها ولا تزال. ثم قال هؤلاء الملاحدة المارقون بأنّ الله عبارة عن تركيبة أو فكرة خلقها الإنسان لكي يعيش عليها أو لكي تطمئنه في مواجهة الفناء الأبدي والمصير المحتوم والمجهول الأعظم. لا أحد يعرف إلى أين هو سائر عندما تحين لحظته. من هنا أهمية الدين حيث يؤمن لك استطالة فيما بعد الموت لكي تلتقي بحبيبتك أو بعشيقتك في كافيتيريا الله( أو الكباريه الهائلة التي تدعى الجنة) حيث يسمح بالويسكي وكل أنواع الخمور والحوريات والمشتهيات الممنوعة هنا. ولا نعرف لماذا هي ممنوعة هنا ومسموحة هناك؟!

أخيرا ليسمح لنا السيد داروين بان نطرح عليه بعض الأسئلة: إذا كانت قد حصلت طفرة نوعية في الماضي عن طريق الاصطفاء الطبيعي وأدت إلى هذا الحدث الخارق والاستثنائي الذي هو ظهور الإنسان وتمايزه حتى عن القرد وسائر الحيوان، ألا يمكن أن تحصل طفرة أخرى في المستقبل وتؤدي إلى ظهور إنسان آخر جديد لا نعرف حتى الآن ما هو شكله ولا نوعه ولا تركيبته؟ لا أعرف لماذا لا تحصل طفرة نوعية مستقبلا وتؤدي إلى انقراض الإنسان التافه الحالي: أي أنا وأنت والآخرين؟ عندئذ قد تؤدي هذه الطفرة إلى ظهور السوبرمان: أي الإنسان الجديد الرائع الذي طالما حلم به الفلاسفة والذي هو أفضل بألف مرة من الإنسان الحالي الذي سرعان ما يعطب ويمرض ويموت! عندئذ قد يظهر إنسان آخر يعيش ألف سنة أو حتى عشرة آلاف سنة بدلا من ستين أو سبعين سنة فقط؟

اعذروني عن طرح هذه الأسئلة الجنونية التي قد تدوخكم وتدوخني أكثر من اللزوم. ولكن بالله عليكم: هل ينبغي أن نعيش عشرين ألف سنة لكي نشهد نهاية الغطرسة الإسرائيلية وانحسار موجة الأصولية الظلامية وإشعاع التنوير العربي الإسلامي على كافة ربوعنا وربما نهاية حديث الفرقة الناجية وتكفير الآخرين؟ هل ينبغي ان ننتظر كل هذه الفترة لكي ينتهي الاستبداد السياسي في العالم العربي ونتمتع بالحد الادنى من الحريات البدائية كبقية البشر؟ أم أننا سنكحل أعيننا بكل ذلك قبل هذا الأجل بزمن طويل؟ هذا ما نأمله بالطبع ونتوقعه. ولكني أبالغ كثيرا للدلالة على حجم المهمة التي تنتظرنا ومدى جدية التحديات التي تواجه الفكر العربي وخطورتها. حدسي يقول لي بأننا لا نزال في بداية الطريق الطويل.. وبما أني أحد العشرة المبشرين بالنار بالإضافة إلى التوحيدي والمعري وابن الراوندي والعفيف الأخضر وابن المقفع وبشار بن برد وأبي نواس وآخرين فاني أزعم المقدرة على الرجم بالغيب والتنبؤ بالخوارق والمعجزات!



حسبي الله و نعم الوكيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ngaous.net/forum
imadovitch
المدير
المدير
imadovitch


المشاركات : 189
التميز : 307
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 12/03/2010
الموقع : /httb://arbalg.yoo7.com

المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟   المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ Emptyالخميس يونيو 24, 2010 10:08 am

شكرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arbalg.yoo7.com
mch_dk
المدير
المدير
mch_dk


الجدي
الثور
المشاركات : 18
التميز : 1025
السمعة : 2
تاريخ التسجيل : 13/03/2010
العمر : 74
الموقع : httb://arbalg.yoo7.com/

المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟   المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟ Emptyالخميس أكتوبر 21, 2010 10:01 am

merci bien


tahiyati mch_dk
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://httb://arbalg.yoo7.com/
 
المعركة الداروينية اللعينة,,,حقيقة علمية ليس الا ؟؟؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نفض الفراش قبل النوم معجزة علمية
» حقيقة السروال " الطـــــــــــايح "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الجزائر العربية  :: المنتدى العام :: المنتدى الاسلامي العام-
انتقل الى: