عالم جزائري يكتشف أن خط "مكة -- المدينة" أصح علميا من خط "غرينيتش"
بثقة في النفس عالية ممزوجة بالطموح للرقي بالأمة العربية والإسلامية في درب العلم، تحدث الدكتور لوط بوناطيرو لـ ''التجديد'' بمدينة تطوان عن تفاؤله من أن الساعة الكونية التي اخترعها ستعيد ترتيب التوقيت العالمي إلى طبيعته.
والدكتور لوط بوناطيرو جزائري له دكتوراه في علم الفلك وتقنيات الفضاء استطاع أن يجعل لنفسه حضورا ضمن الكفاءات العلمية المتميزة بهذا الميدان، والتي طالما أثبتت توقعاته العلمية نجاحا كبيرا، ويعمل بوناطيرو حاليا أستاذا محاضرا بجامعة البليدة الجزائرية وباحثا في مركز أبحاث الفلك ببوزريعة، ومستشارا في وزارتي البيئة والتعليم العالي وله العديد من الاختراعات.
وقد حصل بوناطيرو سنة 2005 على ميدالية من صالون الابتكارات في لندن عن الساعة الكونية الافتراضية ونال عن نفس الاختراع جائزة العام 2006 في الدورة الـ 55 لصالون البحث العلمي والتكنولوجيات الجديدة والابتكارات ببلجيكا. وأيضا جائزة في الملتقى الأول لعلم الفلك بالإمارات العربية.
أما عن البنايات الإسلامية الذكية فحصد جائزتين من صالون الابتكارات في لندن، الجائزة الأولى عن الشكل والثانية عن احترام المشروع للمقاييس البيئية وميدالية فضية من الدورة الـ 55 لصالون البحث العلمي ببلجيكا فضلا عن تكريمات أخرى داخل الوطن منها رسالة ذهبية من رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم.
بطاقة هوية للساعة الكونية
لم يبق اختراع الدكتور لوط بوناطيرو ''الساعة الكونية'' حبيس المختبرات العلمية أو متسما بشقه النظري على الملفات، بل رأت ''التجديد'' نموذج الساعة الكونية التي تحمل 24 رقما محملة مستعملة على يد بوناطيرو وهو يحدث المنبر على هامش أشغال مؤتمر الإعجاز العلمي الأخير الذي احتضنته مدينة تطوان أخيرا.
قال بوناطيرو إن هذه الساعة الفلكية تستنبط قواعدها من الطبيعة وبالتالي تتماشى ورؤية الكواكب المعنية، تعمل بنظام الـ 24 ساعة بدل الـ12 ساعة الحالية ويبدأ يومها من غروب الشمس وينتهي بغروب شمس اليوم التالي، وذلك لكي تستجيب للمدة الحقيقية لليوم الشمسي المتوسط. ومهمتها الأولى إعطاء الساعة المتوسطة، الساعة الفصلية، الدقيقة ورتبة اليوم بالنسبة للشهر القمري.
وباعتماد هذه الساعة الكونية يكون العالم الفلكي الجزائري لوط بوناطيرو داعيا إلى إلى تطبيق خط مكة - المدينة بدلا من خط غرينتش ''الوهمي'' معلما زمنيا. وأكد أن خط مكة - المدينة أصح علميا من غرينتش بناء على حسابات ودراسة حركة كل من القمر والشمس عبر قرن ونصف.
سند قرآني
قال الدكتور لو بوناطيرو، وهو يشرح معطيات اختراعه الساعة الكونية: ''إن الساعات الفصلية المحلية من فجر، شروق، زوال، غروب، ومنتصف الليل، إلخ... نمثلها اختيار الترقيم العربي القديم تَـمَّ وفقا للآية 12 من سورة الإسراء:
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَجَعَلْنَا اللَيْلَ والنَّهَارَ آيتَينِ فَمَحْونَا آيَةَ اللَيْلِ وَجَعَلْنَا آيةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنَ رَبِكُمْ وَلِتعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ وَكٌلَّ شَيء فَصَّلْنَهُ تَفْصِيلاً}. صدق الله العظيم
وما كانت تعرفه العرب في جاهليتها من تلك الساعة، هي، الزمنية (المعوجة) أي الفصلية وليست المستوية. فقد قسموا اليوم إلي أربع وعشرين ساعة
(اثنتي عشر ساعة لليل ومثلها للنهار)، وقد أعطوا لكل ساعة من ساعات الليل والنهار أسماء تخصها تدل عليها. فأما ساعات الليل فهي: الشهادة، الغسق، العتمة، الفحمة، الموهن، القطع ،الجوسم، الهتكة (العبكة)، التباشير، الفجر الأول، المعترض، وأخيرا الإسفار.
أما ساعات النهار فمتسلسلة وفق الآتي: الذرور، البزوغ، الضحى، الغزال، الهاجرة، الزوال، الدلوك، العصر، الأصيل، الصبوب، الحدود، ثم الغروب ويقال فيها أيضا: البكور، الشروق، الإشراق، الردأ، الضحى،المتوع، الهاجرة، الأصيل، العصر، الطفل، العشى، ثم الغروب.
وتتأرجح الساعة الفصلية ما بين 48 دقيقة في الشتاء و01 ساعة و14 دقيقة في الصيف. تُحْسَبُ لكل تاريخ. هاته الساعات مرتبطة مباشرة بأوقات الصلاة.
واعتمد بوناطيرو في اختراعه العلمي أيضا على حقائق علم تأريخ الكون في رحاب القرآن بين عبقرية المفسرين وآراء العلماء.
المعادلة الرياضية
وأوضح بوناطيرو خلال مداخلة له بمؤتمر الإعجاز العلمي بتطوان إن إقرار بداية الأشهر (أي أول يوم منه) يتم بواسطة المعادلة الرياضية المتحصل عليها من خلال دراستنا لأعمار القمر الشهرية والمتمثلة في معرفة أوقات اقتران الشمس بالقمر من شهر إلى آخر. خلاصة القول هو أنّه: إذا تمّ زمن اقتران ما بين 00 سا و 12 سا (بالتوقيت مكة - المدينة)، فإن أول يوم الشهر يكون مباشرة بعد غروب الشمس الموالي.
اختلاف هلال رمضان
يدلي بوناطيرو بدلوه في شأن يثير اهتمام المسلمين خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك وغيره من المناسبات الدينية إذ يحتار عدد من الناس أمام اختلاف بدء بعض أركان الإسلام والصوم منها على الخصوص بسبب اختلاف إعلان بدء الشهر، ليقول إن الشهر القمري الفلكي يبدأ من أول لحظة اقتران الشمس بالقمر(أي مستوي التقاء الشمس والقمر في الفضاء، وإذا استويا زيادة علي ذلك علي نفس المستقيم فتنتج لنا الظاهرة المعروفة بالكسوف).
أما الشهر القمري المدني: يبدأ بضعة ساعات من بعد، مع ظهور بداية الخيط الرقيق للهلال، وهذا مباشرة بعد غروب الشمس التي تكون في اتجاه الغرب ولا يمكن مراقبة الهلال في وقت آخر من اليوم إلا بعد لحظات غروب الشمس.
ونظرا لمختلف ''المنازل'' التي يحتلها القمر في الفضاء من شهر إلى آخر والتي يكون فيه أكثر قربا أو بعدا من الأرض وكديذا انحراف مداره عن مدار الشمس بدرجة 08,05 ، لا يسمح لمختلف الاقترانات والأهلة التي تليها أن تسقط في نفس البقعة على سطح الأرض من شهر إلى آخر.
وهذا ما يفسر السبب العلمي الرئيسي لتشتت العالم الإسلامي سنويا في شهر رمضان.
ويضاف لهذا السبب العلمي المحض، حسب بوناطيرو سبب سياسي متمثل في التفكك الذي تعرفه الأمة الإسلامية إلي عدة بلدان مجزأة بعد انهيار الخلافة العثمانية الأمر الذي أدى بها حتما للخوض في جدال ما يسمي بالرؤية المحلية التي تعتبر أصلا بالطريقة المغذية للتفرقة وتعداد الرزنامات القمرية ذات الطابع المحلي عوضا من طابع العالمي الموحد مرغمة، في بعض الأحيان، عدة بلدان على التحالف في ما بينها لمصالح ضيقة. هذا الأمر خلق مشكلا حقيقيا في ما يخص تغيير التاريخ للأيام على المستوى العالمي، خاصة إذا علمنا أن الميزة الرئيسية '' للرزنامة '' هو تحديد تاريخ الأحداث في الماضي، الحاضر والمستقبل لأغراض جماعية اجتماعية أو علمية ضمن قاعدة زمنية نريدها موحدة ومنسجمة أصلا.
إذن المنطق يدفعنا مباشرة لتحديد أهمية وضرورة البحث على معلم زمني للتقويم الهجري على مستوى الكرة الأرضية ويكون بمثابة نقطة الصفر لمزمانتنا القمرية أي مكان تغيير الوحدات الزمنية. ولا يجب أن يخضع اختيار هذا المعلم إلى نزوات شخصية كما تم الحال عليه عندما اختير خط ''غرينتش'' كخط معلمي صفر للزمن بل يجب أن يخضع هذا الاختيار لأسباب علمية بحتة.
مواد بناء تتحدى الكوارث
لم يقتصر اختراع لوط بوناطيرو عن الساعة الكونية بل أعلن أيضا عن اختراعه نمط بناء قادر على امتصاص الصدمات التي تتسبب فيها مختلف الكوارث الطبيعية بدءا بالزلازل إلى الفيضانات فالحرائق وما إليها مما يهدد المباني السكنية والمرافق العمومية.
وقال بوناطيرو إن نمط البناء الجديد سيقلص بشكل غير مسبوق الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية المختلفة سواء تعلق الأمر بالأرواح البشرية أو الممتلكات.
لمثل هؤلاء تفخر الأمة بعطاءاتهم العلمية المستمدة من رصيدهم الحضاري الإسلامي وتقدم حلولا لبعض المشاكل البيئية والاقتصادية و السياسية.